السيارات الحديثة تتمتع بالعديد من الميزات والمواصفات ، ولكن هل كل الأنظمة الإلكترونية في السيارات هي شيء جيد؟
عندما نتحدث عن أنظمة السلامة والأمان فإن الإجابة هي نعم بالتأكيد ، مثل نظام المكابح المانعة للانغلاق ABS أو أنظمة التحكم بثيات السيارة وتماسك العجلات مع الطريق ، ولكن هنالك مواصفات أخرى مثل الشاشة التي تعمل باللمس على سبيل المثال ، قد تكون مشتتة لانتباه السائق ، وفي أسوأ الأحوال قد تكون خطيرة حقاً .
ولكن من الصعب عزيزي القارئ معرفة أي الأنظمة مفيدة وضرورية وأيها يمكن أن يكون خطيراً ويمكن الاستغناء عنه .
إلا أنه وفي تقرير جديد نشرته صحيفة نيويورك تايمز مؤخراً ، أشارت الصحيفة إلى أن زر تشغيل وإطفاء السيارة أو ما يعرف بميزة التشغيل بدون مفتاح قد تشكل خطراً كبيراً يجب الانتباه إليه ، وذلك لأن السائق قد يترك السيارة ويظن أنه قد أطفأ المحرك بينما يكون المحرك ما زال يعمل ولم يتوقف .
واستشهدت الصحيفة في تقريرها الأخير بحادثة وفاة (شيري بيني ) وزوجها (جيمس ليفينجستون) ، والتي وقعت بسبب اختناقهما بغاز أول أكسيد الكربون بعد أن تركا – بالخطأ – سيارتهما من نوع تويوتا أفالون 2017 وهي تعمل داخل كراج مغلق ، حيث كانت السيارة مزودة بميزة زر تشغيل السيارة بدون مفتاح وبميزة ايقاف وتشغيل المحرك أوتوماتيكياً .ط
وفيما تعد حالات الاختناق بغاز أول أكسيد الكربون نادرة جداً ، ولا تسجل سوى بضع مئات من هذه الحوادث سنوياً ، إلا أن ترك محرك سيارة يعمل في مساحة مغلقة يمكن أن ينتج كميات قاتلة من غاز أول أكسيد لكربون وفي دقائق معدودة ، وإذا كان الكراج متصلاً في البيت فمن الممكن أن يرتفع تركيز الغاز في البيت بأكمله إلى مستويات قاتلة .
وتقول جريدة نيويورك تايمز أنه ومنذ عام 2006 ، تم تسجيل 36 حالة وفاة في حوادث مشابهة في الولايات المتحدة الأمريكية هذا بالإضافة إلى عشرات حالات الاختناق التي تم تداركها قبل الوفاة .
وفي الحقيقة عزيزي القارئ فإن تقنية الدخول والتشغيل بدون مفتاح منتشرة بكثرة في السيارات الحديثة حتى أنها أصبحت من المواصفات القياسية في كثير من أنواع السيارات ( ستاندرد ) ، بحيث يمكن للسائق أن يترك المفتاح في جيبه أو حقيبة اليد دون أن يهتم بفتح أو إغلاق أقفال السيارة ، لأن المفتاح يتواصل عن بعد مع جهاز الكمبيوتر في السيارة ويقوم باللازم ؟
وقد تبت شركة جنرال موتورز – على سبيل المثال – تقنية زر تشغيل وإطفاء المحرك في كافة سياراتها ، لأن هذه الميزة تخفف من خطر إطفاء محرك السيارة أثناء الحركة بسبب حركة خاطئة تدير المفتاح أو بسبب قطعة معطلة .
ولكن وكما هو الحال في أي تقنية جديدة فهنالك عواقب غير متوقعة ، وفي هذه الحالة فإن الجمع بين ميزة تشغيل السيارة بدون مفتاح مع ميزة ايقاف وتشغيل المحرك أوتوماتيكياً ( والتي تطفئ المحرك وتشغله والسيارة دائرة) تتسبب بزيادة احتمال أن يترك السائقون سياراتهم دائرة بالخطأ دون أن ينتبهوا إلى أنهم لم يطفئوها ، وعندما يحدث هذا في كراج مغلق فإن النتيجة قد تكون مأساوية كما شاهدنا .
المهم الآن هو كيف يمكننا منع حدوث مثل هذا الخطأ ؟
تقول جريدة نيويورك تايمز أن نصف حالات الاختناق بغاز أول أكسيد الكربون والوفيات المرتبطة بها كانت في سيارات تويوتا ولكزس
فعلى الرغم من أن تويوتا تستخدم نظام تحذير صوتي ، إلا أن سيارة تويوتا أفالون لا تمتلك نفس الميزة الأوتوماتيكية التي يوفرها غيرها من صناع السيارات ، والتي تعمل على إطفاء السيارة بعد مرور وقت معين أو عبر مجسات ترصد فك الحزام وفتح باب السائق وخروج السائق مبتعداً بالمفتاح عن السيارة .
وتقول الشركة اليابانية أنها ستضيف هذه الميزة ( الإطفاء التلقائي) في سيارتها من موديل 2020 التي تتمتع بميزة زر التشغيل بدون مفتاح .
وبالطبع فقد سبق لجمعية مهندسي السيارات العالمية و للهيئة الأمريكية لمراقبة الأمان على الطرق أن اقترحوا مقاييس معيارية تتطلب إضافة ما هو أكثر من مجرد تحذير صوتي ، أو مجرد إضافة ميزة الإطفاء التلقائي ، ولكن للأسف فمن المعروف أن صناعة السيارات تقاوم أي محاولات إضافة مواصفات ستكلفها المزيد من المال .
ما الحل؟
من جهتنا في موقع عرب جي تي ، نعتقد أن هنالك عنضراً آخر غائب عن المعادلة ، وهو السائق .
صحيح أن السائق لا ذنب له في تطور أنظمة تشغيل السيارات الحديثة وتعقدها بحيث أصبح من الصعب معرفة ما إذا كانت السيارة دائرة أم لا ، ولكن في المقابل تقع على السائق مسؤولية التعلم ليعرف الفرق وليستطيع التمييز بين حالة التشغيل وحالة الإطفاء في السيارة التي يمتلكها ويقودها .
اقرأ أيضاً : الثقة العمياء في أنظمة الأمان قد تكلفك حياتك
الكنولوجيا التي تتطور باستمرار تتطلب تغيراً في ذهنية سائقي السيارات ، وبما أننا لم نعد نستخدم المفاتيح لتشغيل سياراتنا فيجب أن ننتبه أكثر لنتأكد ما إذا كنا قد أطفأنا السيارة أم أنها ما زالت دائرة ، فمن الواضح أننا لا يجب أن نعتمد على شركات صناعة السيارات لحمايتنا من كل سيناريو محتمل ، تماماً كما لا يجب أن نعتمد على مواقع التواصل الاجتماعي لتخافظ على خصوصيتنا وصورنا الشخصية .
في الحقيقة نعتقد أن حوادث كهذه يجب أن تنبهنا إلى أن أهم عنصر في تحقيق الأمان والسلامة في السيارة هو السائق، هو انت عزيزي القارئ!